
سُويعات لا تنسى في حضرة الكبار, نشر الناشط والباحث عدنان مكارم صوراً للقاء تاريخي جمع الشاعر القروي " رشيد سليم الخوري "بقائد الثورة السورية الكبرى المجاهد سلطان باشا الاطرش.
وقال مكارم انه وعندما وصل الشاعر القروي " رشيد سليم الخوري " ، إلى مضافة سلطان باشا الاطرش العامرة ، في بلدة القريا يوم 18-10- 1980 م ، نهض الباشا، للقاء الضيف الكبير والغالي على قلبه ، ويحمل كلّ عواطف المحبّة والتقدير والإحترام للزائر المجاهد ... نهض وهو يستند على شابين عن يمينه وشماله ، وذلك بسبب وضعه الصحي ، وخطا بتثاقل من عجز الهمة نحو باب المضافة ، والذي دخل منه الضيف ، القروي ... وبقيت خطوة واحدة تفصل بين الشيخين الوقورين ، وقد تجاوزا التسعين .
واضاف مكارم , رفع الشاعر القروي رأسه ليرى نفسه ، ولأول مرة في حياته وجهاً لوجه أمام بطل الجهاد ، وشيخ المجاهدين ، الذي طالما تغنّى باسمه وامتدحه ، وجد نفسه ، أمام أحد صنّاع تاريخ مجد العرب ... سلطان الأطرش ... وبصوت نقي قوي ، جهوري ، صاح : أنت الأطرش ؟ أنت سلطان ؟ ليجيبه سلطان : نعم أنا هو ، وأنت ... أنتَ القروي الوطني العربي المجاهد ... وتلتقي الأيدي ، ويحتضن كلّ واحد رفيقه ، ويضمه بحرارة وقوة ، ويطول الضم والعناق ... وتتساقط الدموع ... دموع الشوق والحنين ...،
ثم يقول القروي ، والكلّ وقوف : أأنت سلطان الذي نظمت فيك جميل قصائدي ، وصغت قلائد شعري منذ أكثر من ستين عاماً ؟ ... لقد أزف الزمان يا سلطان ، وها نحن في آواخر خريفه ، لكنّني أحمد الربّ الذي أتاح لي أن تكتحل عيناي برؤياك قبل أن أموت ، لأنها كانت عندي أعزّ أمنية أن التقي ببطل خلدته في شعري ، وخلدني في جهاده .. قبل أن أودع الحياة ، وهاأنذا اليوم قد جئت والرأس أبيض ، ولنقل جئتك مودعاً ...!
وتابع مكارم , ثم قاد الباشا ضيفه بيده ومشيا معاً ، وجلسا جنباً إلى جنب يتحدثان ، وقد فاضت عيناهما بالدموع ، وشاركهم الحاضرون الدموع أيضاً ، إنها العاطفة المثلى عاطفة حبّ الوطن ,بينما وضع أحد الحضور " المسجل " على الوسادة التي تفصل بين الشيخين الكبيرين ، لتلتقط كل كلمة وكل همسة ... يقولاها ، لتبقى ذكرى خالدة لن تتكرر أبداً ، إنه لقاءٌ ... لاينسى ....!!
ويعتبر رشيد سليم الخوري اللبناني المولد الشاعر الأول للقضية العربية وقد منحها كل حياته جهاداً وأدباً وشعراً سواء في وطنه سوريا ولبنان أم في المهجر البرازيلي،وقد كتب القروي بصورة خاصة في حب الأوطان وحب الأرض وأنشد الطبيعة وسحرها كما عبّر عن مواجده وحياته الصعبة وحنينه للوطن في أعذب شعر وأكثر القصائد استثارة للمشاعر ، لكن أكثر ما جعل اسم الشاعر القروي يطير في الآفاق ويصبح رمزاً لمرحلة بكاملها كان ولا شك شعره الوطني المناهض للإستعمار الفرنسي والداعي للوحدة العربية.
ومما جاء في ديوانه (ص897) أنه رأى في المنام أنه التقى سلطان الأطرش ولم يخاطبه بلقبه (الباشا)، بل وقيل إنّ أحدهم نبّهه إلى ذلك أثناء لقاء الشاعر بسلطان القائد العام للثورة نفسه، فما كان من الشاعر إلاّ أن أنشده هذين البيتين،
سلطان يا سيف الحمى المسلول والسهم المراشا
عش للجهاد ، وذكرك الميمون للتاريخ عاشا
حاشا لمثلي أن يصغّر من مقامك ألف حاشا
إن كنت سلطاناً فكيف يجوز أن أدعوك باشا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق